آخر وقت للأضحية

 سُئل الشريف أبو عبد الله الهاشمي النجدي الحنبلي -غفر الله له ولوالديه- عن آخر وقت للأضحية؟ ودليل الحنابلة؟ وجوابهم عن حديث نبيشة؟

فقال: الحمد لله، ذهب إبراهيم النخعي وأبو سلمة بن عبد الرحمان إلى أنّه يمتد إلى آخر ذي الحجة، لكنّه كما وصفه الحافظ ابن كثير في تفسيره: [وهو قول غريب]، وقال النووي في المجموع: [وقال سعيد بن جبير يجوز لأهل الأمصار يوم النحر خاصة ولأهل السواد في أيام التشريق، وقال محمد بن سيرين لا تجوز التضحية إلا في يوم النحر خاصة]اهـ، وهذان قولان غريبان، وعمدة الباب قولان:

أحدهما: ما ذهب إليه الإمام الشافعي، واختاره الشيخان الحنبليان تقي الدين في الكبرى وابن القيم في الهدي إلى أنّ آخر وقت ذبح الأضحية آخر أيام التشريق؛ وأصحّ ما عندهم ما رواه مسلم عن أبي المليح، عن نُبيشة الهذلي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل))، واستدلوا أيضًا: بكون أيام التشريق تشترك في أحكام كثيرة؛ فكيف افترقت في مسألة الأضحية من غير نص ولا إجماع؟!؛ ذكره الشيخ ابن القيم في الزاد، وأشار إليه الإمام الشافعي في الأم، والجواب عن حديث نبيشة؛ عدم التلازم؛ فالحديث نص على أنّها أيام أكل وشرب لا على أنّها أيام ذبح؛ ولذا أجمع أهل العلم على حرمة صومها؛ حكاه ابن عبد البر في التمهيد، والجوابُ عن تعليلهم؛ أنّ الصحابة مجمعون على ما قرره أصحابنا وفاقًا للإمامين أبو حنيفة ومالك؛ حكاه أبو جعفر الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء، وهو القول الآخر، وفي الباب عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه-، وابن عمر، وابن عباس، وأنس بن مالك -رضي الله عنهم-؛ فأثر علي -عليه السلام-: رواه مالك بلاغًا، وأسنده الطحاوي في أحكام القرآن، وأثر ابن عمر: رواه مالك، عن نافع، عنه، وأثر ابن عباس: رواه الطحاوي في أحكام القرآن أيضًا، وجوّد إسناده ابن التركماني في الجوهر النقي، وأثرُ أنس بن مالك: رواه أيضًا الطحاوي، ولا يُعلم لهؤلاء مخالف.

فإن قيل: وما جوابهم عن حديث: ((كل أيام التشريق ذبح))؟ فأقول: رواه الإمام أحمد من طريقين:

كلاهما عن سليمان بن موسى، عن جبير بن مطعم.

ورجال الإسنادين ثقات إلا سليمان وهو الأشدق، قال عنه في التقريب: [صدوق فقيه في حديثه بعض لين، وخولط قبل موته بقليل]، وقوله: [وخولط قبل موته بقليل] هل سبقه فيها أحد؟ استنكره بعضهم، لكنّه في التهذيب أسند هذا الكلام إلى علي بن المديني، وقد وثقه جماعة على رأسهم: يحيى بن معين، وأشار البخاري إلى كثرة المناكير في رواياته؛ لذلك أحجم عن الرواية له، لكن علة الحديث هو أنّ روايته عن جُبير؛ مرسلة؛ أشار إلى هذا البيهقي في سننه الكبرى، والحافظ في الفتح وقال: [ووصله الدارقطني ورجاله ثقات]، ونصّ على ذلك غير واحد؛ كالنووي في مجموعه، وابن كثير في تفسيره، وقال الحافظ في التلخيص: [حَدِيثُ: "عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَأَيَّامُ مِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ"، ابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ بِلَفْظِ: "فِي كُلِّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ"، وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ الِاخْتِلَافَ فِي إسْنَادِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ أَصْلُهُ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَيْسَتْ بِمَحْفُوظَةٍ، وَالْمَحْفُوظُ: "مِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ"، يَعْنِي: الْبُقْعَةَ]اهـ.

فإن قيل: قد رواه الأشدق، عن عبد الرحمن بن أبي حسين، عن جُبير؟

فأقول: ذلك صحيح؛ لكنّه منقطع، رواه البزار وقال: [ابن أبي حسين لم يلق جُبير بن مطعم]، وتبعه ابن حبان في صحيحه، وأيضًا ابن أبي حسين: مجهول، وثّقه ابن حبان لكن لم يؤثر عن غيره، وتفرَّد سليمان بالرواية عنه، وتقدّم الكلام عن سليمان، وعبد الرحمن بن أبي حسين هذا ابنُه: عبد الله؛ روى عنه الشيخان.

فإن قيل: قد رواه سويد بن عبد العزيز، عن سعيد بن عبد العزيز، عن سليمان بن موسى، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه؟

فأقول: رواه البزار، فيه عللٌ ثلاث: 

أحدها: سويد بن عبد العزيز: ضعيف؛ لم يرضه إمام أهل السنة والجماعة، وإمام أهل الجرح والتعديل، وذكره أبو زرعة في الضعفاء، والنسائي، وأهل الحديث على هذا.

وثانيها: قال ابن الذهبي في تهذيبه لسنن البيهقي: [قلت: ولا لحق سليمان نافعًا]اهـ.

وآخرها: قال البزار: [وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ فِيهِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ إِلَّا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَهُوَ رَجُلٌ لَيْسَ بِالْحَافِظِ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ إِذَا انْفَرَدَ بِحَدِيثٍ]اهـ.

فإن قيل: قال ابن كثير في تفسيره: [وقد قال الإمام أحمد: حدثنا أبو المغيرة، حدثنا سعيد بن عبد العزيز حدثني سليمان بن موسى عن جبير بن مطعم، عن النبي ﷺ، قال «كل عرفات موقف، وارفعوا عن عرنة، وكل مزدلفة موقف، وارفعوا عن محسر، وكل فجاج مكة منحر، وكل أيام التشريق ذبح» وهذا أيضا منقطع، فإن سليمان بن موسى هذا، وهو الأشدق، لم يدرك جبير بن مطعم، ولكن رواه الوليد بن مسلم وسويد بن عبد العزيز، عن سليمان، فقال الوليد، عن جبير بن مطعم عن أبيه،وقال سويد عن نافع بن جبير عن أبيه عن النبي ﷺ فذكره، والله أعلم]اهـ؟

فأقول: هذا غريب جدًا من طريق الوليد بن مسلم، وجُبير الصحابي -رضي الله عنه-؛ هو ابن المطعم بن عدي، وأبوه مشرك؛ فكيف يروي عنه؟!!، والمطعم بن عدي ممن له قدم خدمة للمسلمين؛ فقد دافع عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، روى الإمام أحمد والبخاري؛ عن محمد بن جبير بن مطعم بن عدي، عن أبيه -رضي الله عنه- أنّ النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال في أسارى بدر: ((لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له))، وقد رثاه حسان بن ثابت -رضي الله عنه-، ولكن حاله كحال جدنا وعم نبينا: أبو طالب، ثم في الحديث علة -تقدم الكلام عنها- وهي رواية سليمان بن موسى عن جُبير.

فإن قيل: قد رواه الدارقطني والبيهقي: عن أبي معيد, عن سليمان بن موسى, عن عمرو بن دينار، عن جبير بن مطعم مرفوعًا؟

فأقول: فيه أبو مُعيد وهو حفص بن غيلان قال عنه في التقريب: [صدوق فقيه رمي بالقدر]، وفي كلامه نوع نظر؛ فقد وثقه إمام أهل الجرح والتعديل؛ رواه عثمان الدارمي عنه، ونقلتُ لك كلام الحافظ: [ووصله الدارقطني ورجاله ثقات]، ولعله يُشير إلى هذا، لكن تقدّم نقل كلامه عن سليمان بن موسى، ثم في الحديث انقطاع؛ فعمرو بن دينار لم يدرك جبير بن مطعم؛ أشار إلى هذا ابن الذهبي في اختصاره سنن البيهقي؛ فقد ضَبَّب على اسم عمرو بن دينار، وروايته الصحيحة عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، وقع هذا في أحاديث؛ منها عند الشيخين، ثم في تمام الإسناد علةٌ؛ فقد رواياه من طريق أبي بكر النيسابوري، عن أحمد بن عيسى الخشاب، عن عمرو بن أبي سلمة، عن أبي معيد …تمامه، ومعلوم حال الخشاب هذا عند أهل الحديث والأثر؛ حتى اتُهم بالكذب والوضع والاضطراب، وبهذا يتبيّن خطأ أبي بكر البيهقي -رضي الله عنه- إذ ساق السند جازمًا فقال في سننه: [وقد رواه أبو معيد، عن سليمان، عن عمرو بن دينار، عن جبير. وهو قول عطاء والحسن]اهـ، إن أراد ما ذكرتُ؛ فقد حاد الجبل، وأخطأ الفحل، تغمّده الله بواسع رحمته، وجزيل عطائه وكرمه، وما مثلي يخطئه لولا بيان الحق، ومقالة الصدق، فبماذا تمسك القوم؟!! والحديثُ كما ترى مضطرب؛ ونصّ على ذلك ابن عبد البر في التمهيد، وتبعه ابن التركماني في جوهره، ثم وقفتُ على قول الجمال الزيلعي في نصب الراية وأنّ الطبراني رواه في مسند الشاميين من طريق آخر قال: [وَرَوَاهُ أَيْضًا فِي "كِتَابِ مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ" عَنْ حَفْصِ بْنِ غَيْلَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ مَرْفُوعًا كَذَلِكَ] وهو كذلك في مسند الشاميين، لكن ليس فيه: [أيام التشريق]، وحينها يتبيّن لك ما قدّمتُ نقله عن الحافظ؛ وأنّها زيادة غير محفوظة، وسبقه إلى ذلك البزار فقال: [وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِأَنَّا لَمْ نَحْفَظْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «فِي كُلِّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ» إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ ذَكَرْنَاهُ وَبَيَّنَا الْعِلَّةَ فِيهِ]اهـ، فليس في الباب حديث صحيح على أنّ أيام التشريق أيام ذبح، وقد ذكر هذا ابن التركماني في جوهره، والله الموفق.

فإن قيل: للحديث شاهد؟

فأقول: بل شاهدان؛ روى الإمام أحمد عن أمير المؤمنين علي، وروى ابن خزيمة في صحيحه عن ابن عباس، وليس فيهما موضع الشاهد.

فإن قيل: وحديث أبي سعيد؟

فأقول: وكذلك أبو هريرة، رواه ابن عدي في الكامل، وفيه الصدفي، قال: [حدثنا جعفر، حدثنا دحيم، حدثنا محمد بن شعيب عن الصدفي، عن الزهري عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال أيام التشريق ذبح. حدثناه عبد الله بن محمد بن سلم، حدثنا دحيم، حدثنا محمد بن شعيب، حدثنا معاوية بن يحيى، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيام التشريق كلها ذبح. قال الشيخ: وهذا سواء قال، عن الزهري عن سعيد، عن أبي هريرة وسواء قال الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي سعيد الخدري جميعا غير محفوظين لا يرويهما غير الصدفي]اهـ، ولذا قال أبو حاتم فيما رواه عنه ابنه في العلل: [هذا حديث كذب بهذا الإسناد] أي: محمد بن شعيب بن شابور الدمشقي، عن معاوية بن يحيى الصدفي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا، وقال ابن أبي حاتم في العلل في موضعٍ آخر: [وسمعت أبي وذكر حديثا حدثنا به عن دحيم قال: ثنا محمد بن شعيب؛ قال: أخبرني معاوية بن يحيى الصدفي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيام التشريق كلها ذبح. وسمعت أبي يقول: «هذا حديث موضوع عندي»، ولم يقرأ علينا]اهـ، أي: لم يقرأ الحديث علينا، وأمّا عن أبي هريرة؛ فالعلة واحدة وهي: الصدفي، قال النووي في المجموع: [وأما الحديث الذي رواه البيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أيام التشريق كلها ذبح فضعيف مداره على معاوية ابن يحيى الصدفي]اهـ، فالصدفي؛ ضعيف لا يحتج به؛ كما ذكر البيهقي في سننه.

فإن قيل: قد قال الحافظ في تقريبه: [ضعيف، وما حدث بالشام أحسن مما حدث بالري] وهذا من حديثه الشامي؛ فهو عن ابن شابور الدمشقي؟

فأقول: قال هذا أبو زرعة؛ فيما رواه عنه ابنُ ابنِ خالته في الجرح والتعديل، وذكره أبو زرعة -رحمه الله- في أسامي الضعفاء، والحافظ نفسه هو الذي قال في تلخيصه: [حديث: "عرفة كلها موقف، وأيام منى كلها منحر"، ابن حبان والبيهقي من حديث جبير بن مطعم بلفظ: "في كل أيام التشريق ذبح"، وذكر البيهقي الاختلاف في إسناده، وقد تقدم في الحج أصله، وهذه الزيادة ليست بمحفوظة، والمحفوظ: "منى كلها منحر"، يعني: البقعة. ورواه ابن عدي من حديث أبي هريرة، وفيه معاوية بن يحيى الصدفي؛ وهو ضعيف، وذكره ابن أبي حاتم من حديث أبي سعيد، وذكر عن أبيه أنه موضوع]اهـ، ثم كلامهما لا يعني صحة هذا الحديث؛ فهو أصلًا ضعيف، ولو كانت الشواهد حسنة؛ لقبلنا هذا منها، ولو لم يكن إلا كلام أبي حاتم الرازي -رضي الله عنه- عنه؛ لكفى.

فإن قيل: ذكر العلامة الألباني أنّ هذا الحديث يؤيده ما جاء عن الصحابة؟

فأقول: ذكر هذا في سلسلته الصحيحة، وعزى إلى مجموع النووي، وذكره النووي عن علي، وجبير، وابن عباس، وأقول: إن صحت الآثار عنهم ولم يُخالفوا؛ فقولهم حجة، لكن العزو المجرد عن الأسانيد، ثم جعله من الشواهد؛ غير مقبول، ولا يصح، لا سيما أنّ النووي نفسه ذكر قول علي مع الجمهور!!.

فأي حجة للقوم، لا سيما وأنّ الصحابة على هذا مجمعون؟!!

فإن قيل: قد قال أبو عبد الله ابن القيم في هديه: [وروي من وجهين مختلفين يشد أحدهما الآخر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( «كل منى منحر، وكل أيام التشريق ذبح» ) روي من حديث جبير بن مطعم، وفيه انقطاع، ومن حديث أسامة بن زيد، عن عطاء عن جابر]؟

فأقول: رواه أبو داود وغيره، وفيه أسامة بن زيد وهو الليثي؛ وثّقه العجلي، وروى عنه مسلم في الشواهد، وليس فيه موضع الخصام، ومورد الاستشهاد، وحينها تعلم صدق مقالة أبي بكر البزار، والحافظ ابن حجر؛ أنها زيادة غير محفوظة.

فإن قيل: قال أبو أمامة بن سهل بن حنيف: ((إن كان المسلمون ليشتري أحدهم الأضحية فيسمنها ويذبحها في آخر ذي الحجة)) رواه البخاري؟

فأقول: قد رواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم دون: [ويذبحها في آخر ذي الحجة]، ورواه البيهقي بها؛ لكنّه قال: [وحديث أبي أمامة حكاية عمن لم يسم]، فهو خبر منكر، لكن قال الحافظ في الفتح: [قوله: (وقال يحيى بن سعيد سمعت أبا أمامة بن سهل قال: كنا نسمن الأضحية بالمدينة وكان المسلمون يسمنون) وصله أبو نعيم في المستخرج من طريق أحمد بن حنبل عن عباد بن العوام أخبرني يحيى بن سعيد وهو الأنصاري ولفظه: " كان المسلمون يشتري أحدهم الأضحية فيسمنها ويذبحها في آخر ذي الحجة " ، قال أحمد: هذا الحديث عجيب]اهـ، وقد حكى الإمام إجماع أهل العلم على أنّها ثلاثة أيام؛ قال في المغني: [وقال: أيام الأضحى التي أجمع عليها ثلاثة أيام. ولنا، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، ولا يجوز الذبح في وقت لا يجوز ادخار الأضحية إليه، ولأن اليوم الرابع لا يجب الرمي فيه، فلم تجز التضحية فيه، كالذي بعده، ولأنه قول من سمينا من الصحابة، ولا مخالف لهم إلا رواية عن علي، وقد رويَ عنه مثل مذهبنا، حديثهم إنما هو:"ومنى كلها منحر". ليس فيه ذكر الأيام، والتكبير أعم من الذبح، وكذلك الإفطار، بدليل أول يوم النحر، ويوم عرفة يوم تكبير، ولا يجوز الذبح فيه]اهـ، وقول أبي أمامة؛ شاذ؛ قال ابن عبد البر في التمهيد: [وأما تمهيد أقوال العلماء في مدة أيام النحر فإنهم أجمعوا على أنه لا يكون أضحى قبل طلوع الفجر من يوم النحر لا لحضري ولا لبدوي واختلفوا فيما بعد ذلك فروي عن ابن سيرين أن الأضحى يوم واحد يوم النحر وحده، وعن سعيد بن جبير وجابر بن زيد أن الأضحى في الأمصار يوم واحد وبمنى ثلاثة أيام، وعن قتادة النحر يوم النحر وستة أيام بعده، وعن الحسن الأضحى إلى هلال المحرم.

قال أبو عمر هذه أقاويل كلها شاذة …]اهـ.، وهذه مما شذّ فيها أبو محمد -قدس الله روحه- في محلاه؛ فاختار قول النخعي، والحسن، وأبي سلمة بن عبد الرحمان، وأبي سلمة بن سهل بن حنيف.

وفصل الخطاب أنّ القول الصحيح الذي أُفتي به، وأطمئن إليه، وهو الحق -إن شاء الله-؛ ما ذهب إليه أصحابنا ومن وافقهم -رضي الله عنهم أجمعين-، وَلْتَعلم أنّ استحباب المبادرة في ذبح الأضحية بعد دخول وقتها: محل اتفاق بين المذاهب الأربعة؛ للخروج من الخلاف، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على خليله سيد المرسلين، وعلى آله أئمة المتقين، وأصحابه السادة الراشدين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. [بحث]

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الراقصة العجوز